پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الأنانية اكبر العوامل في اثارة النزاع العائلي

الأنانیة اکبر العوامل فی اثارة النزاع العائلی

 

لیس هناک ما هو أخطر من الأنانیة والنرجسیة فی اثارة المشکلات العائلیة. انهما مرضان أخلاقیان لا یفتکان فی جسم الأسرة فحسب بل وفی کیان المجتمع والأمة أیضاً.

ومن المؤسف اننا نرى کثیرین قد ابتلوا بهذا المرض المدمّر..

انه مرض یطفى‏ء نور العقل، لأن الانسان فی مثل هذه الحالة المرضیة لا یرى سوى نفسه، ولهذا فلا مکان للآخر فی قلبه ووجدانه، وما یزید الطین بلّة ان تجتمع الأنانیة والنرجسیة، لتصنع کیاناً بشریاً لا یمکن التعایش معه.

عندما یصاب أحد الزوجین أوکلاهما بهذا المرض فان دخان المعارک العائلیة سوف یتصاعد من بیت الزوجیة.. هذا البیت الذی أراد له اللّه‏ سبحانه أن یکون سکنا للمرأة والرجل، یعیشان فی ظلال وارفة من السعادة والهناء.

ان بیت الزوجیة لا ینهض إلاّ على الحب.. حب الآخر لا حب الذات فقط وعلى رؤیة الآخر لا على النرجسیة حیث لا یرى المرء سوى نفسه.

وتصل المصیبة الذروة اذا جنحت المرأة أو جنح الرجل الى ذم شریک حیاته وتسقّط عیوبه ونواقصه.

ان الحکمة فی الحیاة الزوجیة اذا کان المرء ینشد السعادة أن یعامل رفیق دربه بالحسنى.. أن یتفهم عیوبه اذا کانت هناک عیوب أو نواقص، أن یحاول اصلاح هذه العیوب.. أن یحاول بشتى الوسائل.. أن یسعى فی تکامل زوجه.


ربما یلاحظ الزوج أخلاقاً سیئة فی زوجته، ثم یدرس هذه الظاهرة وکیفیة العلاج، وقد یصل الى نتیجة ان اقتناء کتاب اخلاقی ما قد یؤثر.. ثم یرفق هذا الکتاب مع هدیة مناسبة ویقدمهما الى زوجته التی تکون قد تهیأت نفسیاً للتأثر.

لیس هناک انسان کامل.. جمیعنا مثقلون بالعیوب والنواقص، والانسان الواعی من یعمل على تکامل نفسه.. فکل ابن آدم خطّاء، وخیر الخطائین التوّابون، کما جاء فی الأثر الشریف.

ان مرض النرجسیة من الأمراض الصعبة العلاج ولکنها لیست بلا علاج کما أن تأثیرها المدمّر فی الحیاة الزوجیة واسع، ولکن الزوج أو الزوجة اذا اصیب أحدهما بهذا المرض فعلى الآخر أن یسعى فی علاجه.

وبالطبع ینتبه المصاب الى أن هذه المشاجرات هی من جرّاء هذه الأنانیة والنرجسیة، ومجرّد الانتباه الى ذلک یعدّ خطوة على طریق العلاج.. الأنانی والنرجسی یبحثان عن السعادة ما فی هذا من شک، ولکن عندما یصدمان بجدار الأنانیة والنرجسیة فقد ینتبهان الى ذلک ویصحوان.

ولذا على الطرف الآخر الافادة من هذه الفرصة، وجرّ صاحبه الى مائدة التفاهم والحوار، ومن ثم الاتفاق على مبادى‏ء تضمن لهما استمرار حیاتهما الزوجیة، وتأمین قدر من الصفاء والوئام.

وإذا ما عجز الزوجان عن الجلوس الى مائدة الحوار، یمکنهما الرجوع الى حکم یتفقان علیه ویناقشان معاً المشکلات المشترکة.

والحکم فی هذه الحالة یوفر أرضیة مناسبة لأن یبدی کل منهما آراءه ومعاناته.

ولأن فی الحکم بعض المواصفات المؤهلة، فان علیه مسؤولیة تسدید الزوجین الى ما ینبغی فعله والاشراف على تنفیذ ذلک.

وفی هذه الفترة ننصح الزوجین بترک العناد، والاصغاء الى صوت الحق واجتناب الأنانیة، والتخلص من النرجسیة البغیضة، لکی یمکن رؤیة الأمور بوضوح.

ان قراراً یتخذه الزوجان فی ضوء المنطق، وحفاظاً على کیان الأسرة یعنی خطوة فی الاصلاح الاجتماعی، الذی سیترک آثاراً طیبة فی المجتمع.

للأقارب وخاصة أهل الزوج وأهل الزوجة دور کبیر فی إعادة الوئام الى الأسرة الجدیدة التی تعیش حالة قلقة..

یجب أن یکون تدخلهم فی ضوء مصلحة الأسرة فقط.. کما أن تفاهم الأهلین سوف تکون له آثار فی تفاهم الزوجین.. لأن الفتاة تتأثر بموقف أهلها کما أن الفتى سیتأثر هو الآخر بموقف والدیه.

وجاء فی القرآن الکریم حول هذا الموضوع: « وإن خِفْتُمْ شِقَاقَ بَیْنَهما فابْعَثُوا حکماً مِنْ أهِلهِ وحکماً مِنْ أهِلها إنْ یریدا اصلاحاً یوفِّقِ اللّه‏ُ بینهماَ إنَّ اللّه‏َ کانَ علیماً خبیراً »[297].

[297] النساء: الآیة 35.