پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

ارضاء الأم أم الزوج؟!

ارضاء الأم أم الزوج؟!

 

تعیش الفتاة فی کنف والدیها، وهی تسعى فی ارضائهما، لکن الفتاة وبعد ان تقترن بزوجها وتنتقل الى بیت الزوجیة، یتغیر موقفها ویتعین علیها واجب اساس هو إرضاء الزوج.

إنها الآن فی عصمة رجل ستعیش معه بقیة عمرها وهو أقرب الناس الیها لأن اللّه‏ سبحانه جعل بینها وبینه مودّة ورحمة.

وفی هذه الحالة تکون مطالب الزوج مقدمة على مطالب الوالدین لأنّ استمرار الحیاة الزوجیة ینهض على التفاهم المتقابل والارضاء المتبادل.

وعندما تسعى الفتاة بعد الزواج الى ارضاء امها والرضا بتدخلها فی شؤون حیاتها الزوجیة، تبرز مشکلات عائلیة تهدد التفاهم الزوجی بالخطر.

ومن المؤسف انّ بعض الامهات یتصوّرن أن تدخل الأم فی حیاة ابنتها سوف یجلب لها السعادة.

والفتاة التی تقع تأثیر هذه التصوّرات، لا تدری انها تضع قدمها فی طریق سوف یبعدها عن زوجها یوماً بعد آخر، وعندما تنتبه تجد الفاصلة بینها وبین زوجها قد اصبحت کبیرة جداً!

على الآباء والامهات أن یترکوا لأبنائهم ولبناتهم فرص التجارب الحیاتیة لأن التجربة والاعتماد على النفس هو وحده الذی یصقل شخصیة الانسان ویزید من نضجه.

ربّما یسلّم الزوح لحماته، ویرضى على مضض التدخل فی حیاته
الزوجیة؛ ولکن الجوّ العائلی یشوبه التوتر إذا أبدى الزوج مقاومة لتدخلات حماته، وقد یصل الوضع من الخطورة اذا ما شعر الزوج ان استقلاله وحرّیته باتت مصادرتین من قبل الحماة.

والأسوأ من هذا إنّ الأم وبدل أن تشجع ابنتها على التکیّف مع الحیاة الجدیدة، فانها تنفث کلمات لها أثر السم والجراثیم فیالحیاة المشترکة الجدیدة.. انها قد تبدو کلمات عابرة لا قیمة لها ولکنها تترک فی نفس الفتاة آثاراً سیئة ربّما لا تظهر بسرعة، ولکنها تبقى فی النفس الى وقت ما تنتظر مناخاً مناسباً لتظهر..

ربّما تقول الأم مثلاً: یا لحظک العاثر یا ابنتی! لیتک تزوجت من فلان الذی خطبک.. بل لیتک اقترنت بابن عمک..

ـ فلان اشترى لزوجته قرطین ثمینین.. هل أنت أقل منها شأناً؟

ـ لماذا لا یشتری لک عقداً جدیداً؟!

ـ لیتنی أموت ولا أراک بهذا الفستان!

وکثیر من هذه الکلمات التی تتراکم فی أعماق ابنتها.. ثم بعد مدّة تنفجر لأول شرارة.

لنتأمل حکایة هذه المرأة وهی تقول:

«أمی هی السبب.. هی السبب فی طلاقی.. دائماً تتحدث عنه بسوء وتلصق به شتى التهم.. وشیئاً فشیئاً بدأنا نتشاجر.. وذات مرّة طلبت منه الطلاق فوافق.. لکن شعرت بالندم بعد ذلک.. ولکن لم تکن هناک فرصة لرتق الفتق.. کان زوجی قد خطب ابنة خالته.. أما أنا فمن شدّة غضبی انهلت على أمی بالضرب[200].


وأقدم رجل على الفرار، بعد أن ترک رسالة جاء فیها أنه فرّ من زوجته وحماته.. وانه یفضل حیاة التشرّد على حیاة المرارة مع زوجة لا تسمع سوى کلام أمها واننی اذا متّ فان المسؤول عن ذلک حماتی[201].

کما انتحر رجل بسبب مضایقات حماته[202].

إنّ المرأة العاقلة التی تزن الأمور بحکمة تعرف کیف تتصرف..

انها بعد الزواج متعلّقة بزوجها أکثر من أمها هذا اذا صعب علیها اقناع والدتها بأن تدخلاتها لیست فی صالحها أبداً..

لنفترض انّ الام کانت عاقلة، وأنها تبدی بعض النصائح المطلوبة.. ولکن ازاء حساسیة الزوج من هذا التدخل ماذا ینبغی أن تفعل؟

ان على الزوجة أن تتفهم حساسیة الوضع وأن تبادر الى ارضاء زوجها کما یمکنها اقناع والدتها بأنها قد بلغت المرحلة التی یمکنها أن تتفاهم مع زوجها وأن تصنع بنفسها العش الدافئ لها ولابنائها، وأنه لا حاجة لتدخلات الأم.

وهناک ظاهرة جدیرة بالتأمل هی أن الأصغاء للأم فی کثیر من شؤون البیت سوف یخلق حالة من البرود فی الحیاة الزوجیة، ویدفع بالزوج الى أن یغیر نظرته الى زوجته لأنه یجدها ملتصقة بوالدتها، ولا ترید أن تعیش بشکل جاد حیاة مشترکة.

وهذه الحالة اذا ما تجذّرت فی نفس الرجل فسوف تؤدی الى انحسار الحب الذی یکنّه الرجل لزوجته فی الغالب، واذا ما انطفأ وهج الحب فی القلب.. ظهرت حالة خطیرة فی الحیاة الزوجیة وهی الشعور بالغربة والوحدة.


ونهمس فی أذن المرأة کلمات تتأمل فیها. قبل أن تتخذ قراراً ما..

إذا کانت والدتک ترید لک الخیر والسعادة فلتتجنب التدخل فی شؤونک وشؤون زوجک.. قولی لها:

اننی استطیع أن أقنع زوجی.. ولا داعی یا أمی أن تتدخلی فی حیاتنا الزوجیة..

اننا نستطیع التفاهم لأن ما بیننا من الحبّ یکفی فی حل الکثیر من المشکلات.

تدخلک یا امی العزیزة سوف یلحق بی ضرراً أکثر مما یجدی نفعاً..

وأنت ایتها الأم الطیبة.. کفّی عن التدخل فی حیاة ابنتک ودعیها تقبل على حیاتها الجدیدة بأمل وحب..

إنّ أیة کلمة سیئة تسمعها المرأة عن زوجها سوف تترسب فی اعماقها، وسوف تترک أثراً سیئاً.. وقد تتغیر نظرتها الى زوجها لکثرة ما تسمعه من قیل وقال.. واذا وصل الأمر الى الطلاق فأنک تجرّین الشقاء على ابنتک..

ابتعدی عن ابنتک دعیها.. تنسجم مع زوجها.. ما هو جدوى حسراتک على مصیر ابنتک ولماذا التباکی علیها؟!

ان سعادتها هی فی انسجامها مع زوجها.. شجعیها على ذلک.. والاّ فابتعدی عنها.

یقول رسول اللّه‏ صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلم:

«إن من خیر نسائکم الولود الودود الستیرة، العزیزة فی أهلها الذلیلة مع بعلها المتبرّجة من زوجها الحصان عن غیره، التی تسمع قوله وتطیع أمره، واذا خلا بها بذلت له ما أراد منها، ولم تبذل له تبذّل الرّجل»[203].


ویقول صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلم فی مناسبة أخرى: «الا اخبرکم بشرّ نسائکم؟ قالوا: بلى قال: إنَّ من شرّ نسائکم الذلیلة فی أهلها العزیزة مع بعلها، العقیم الحقود التی لا تتورع من قبیح، المتبرجة اذا غاب عنها بعلها، واذا خلا بها بعلها تمنعت منه تمنع الصعبة عند رکوبها، ولاتقبل منه عذراً ولاتغفر له ذنبا»[204].

 


[200] اطلاعات الاسبوعیة العدد 1628.
[201] جریدة اطلاعات 9 آذر 1348.
[202] المصدر السباق 12 اردیبهشت 1341.
[203] بحار الأنوار 103/235.
[204] بحار الانوار: 103/235.