پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

عندما يغضب الرجل!

عندما یغضب الرجل!

 

یواجه الرجل فی معترک الحیاة عشرات المشاکل ویعانی فی سبیل الحصول على لقمة العیش، ولذا فانه یتعرّض الى توتر عصبی حتى انه قد یصل الى حالة یرثى لها. ولذا فانه قد یثار فی أول ما یصادفه فی البیت مما لا یودّه وقد یصل به الأمر أن یقدم على اهانة امرأته أو أحد ابنائه وهذه الظاهرة تبرز عادة لدى عودة الرجل الى المنزل لأنه فی حالة لیست عادیة بحیث یفقد السیطرة على أعصابه ولا یستطیع ضبط نفسه.

وفی هذه الحالة یتوجّب على المرأة ادراک حالة زوجها وان تأخذ بنظر الاعتبار الاجهاد النفسی والعصبی لرجلها ومن ثم التزام الصمت ازاء ثورة الرجل.

وعادة ما یتوقع الرجل موقفاً مشابهاً من امرأته ولکنه عندما یرى سکوت زوجته والتزامها الهدوء فانّ ثائرته سرعان ما تنطفى‏ء، وتجتاحه مشاعر ندم ازاء موقفه اللامعقول وتصرّفه الحادّ ثم یتوّج الرجل فی الغالب ندمه بالاعتذار ولو بعد حین.

ولکن لو أقدمت المرأة فی مثل هذه الظروف الحساسة والخطیرة على إتّخاذ موقف مشابه لموقف زوجها وردّت الثورة بمثلها والصراخ بأعلى منه والإهانة بما یشبهها فان ثائرة الرجل سوف تتضاعف ویزداد الطین بلّة کما یقال.

ویتحول الزوجان الى دیکی صراع وقد یؤدی الى الشجار ثم الى مرحلة الخطر عندما یقوم الرجل بتهدید زوجته بالطلاق.


وما أکثر الحرائق المدّمرة التی بدأت بشرارة صغیرة. وما أکثر الجرائم التی بدأت بتصرّف غیر لائق لم یحسن الطرف الآخر التعامل معه بطریقة متعقلة.

لنقرأ معاً هذا الخبر:

اطلق رجل یدعى.. النار على زوجته وابنته بالتبنّی ثم انتحر، وکانت هذه النهایة الفجیعة خاتمة حیاة زوجیة مریرة.

فلم یکن لیمر یوم دون أن یسمع الجیران صراخ الرجل أو زوجته وتشاجرهما.

وفی یوم الحادثة کانا قد تشاجرا کعادتهما فی البدایة وانهال الرجل على زوجته ضرباً وعندما أرادت الأخیرة التوجه الى مرکز الشرطة شهر الرجل مسدساً واطلق اعیرة ناریة وقتل زوجته ثم أقدم على قتل ابنته بالتبنّی قبل أن ینتحر[144].

وفی مثل هذه الظروف عندما یکون الرجل فی نوبة عصبیة یحسن بالمرأة التزام الصمت، فلا تزید النار حطباً وتثیر زوجها أکثر وتدفعه الى عمل جنونی.

وهل من الشاق جداً أن یتحمل المرء دقائق من الصمت؟ أو لیس من الأفضل التزام السکوت قبل أن یؤدی الوضع الى نهایة مؤسفة؟

ونحن لا نرید هنا أن ندافع عن الرجل أو نبرّر له تصرّفه.

اننا أولاً ندین الرجل فی مثل هذه الحالات لأنه لیس من اللائق بالرجل أن یفرغ عقده ومعاناته فی المنزل الذی یفترض احترام الذین یعیشون فی ظلاله.

اننا ندعو المرأة فی ظروف شاذة کهذه وفی وضع فقد الرجل فیه السیطرة على نفسه وضبط اعصابه ندعوها الى اتخاذ موقف مناسب حفاظاً على کیان الأسرة ومحاصرة الظرف الثائر بطریقة مسؤولة وواعیة ومن المؤسف أن
تتصور بعض السیدات أن السکوت قبال عصبیة الرجل وثورته أنها تفقد اعتبارها ویحط من شأنها فی حین أن العکس هو الصحیح.

وقد أثبتت التجربة أن المرأة التی تحافظ على وقارها وتلزم الصمت ازاء تجاوزات الرجل فی ظروف شاذة کهذه سوف یزید من رصید احترامها وحبها لدى زوجها، ویدفعه بالنهایة الى التماس رضاها وصفحها.

وموقف المرأة النبیل یعد تضحیة من أجل صیانة وحمایة الأسرة من التصدّع کما أن موقفها هذا یکشف عن شخصیتها الهادئة واتزانها ووعیها.

ومن المؤکد أیضاً أنها بموقفها الصامت تدین زوجها على تجاوزاته وأنها ستضعه وجهاً لوجه أمام تأنیب الضمیر وهی کافیة فی دفعه الى الاعتذار ویرفع من اعتبار المرأة وشأنها ومنزلتها ورصیدها من الحب والمودّة.

یقول سیدنا محمد صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلم:

«من صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها اللّه‏ مثل ثواب آسیة بنت مزاحم»[145].

ویقول فی حدیث آخر:

«خیر نسائکم التی إن غضبت أو غضب تقول لزوجها: یدی فی یدک لا اکتحل عینی بغمض حتى ترضى عنّی»[146].

کما روى عن أمیر المؤمنین علیه‌‏السلام:

لا تعاجل الذنب بالعقوبة، واترک بینهما للعفو موضعاً تحرز به الاجر والمثوبة[147].

 

[144] جریدة اطلاعات 7 تیر 1349.
[145] بحار الأنوار: 103/247.
[146] المصدر السابق: 239.
[147] غرر الحکم ودرر الکلم: 246.