پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الحماة أُم أَم عفريت؟!!

الحماة أُم أَم عفریت؟!!

 

من مشکلات الحیاة الزوجیة والتی تؤدی الى الطلاق والى أسوأ منه فی بعض الأحیان هی تدخلات الحماة بمناسبة وغیر مناسبة، وهی تدخلات غالباً ما ستکون سلبیة.

عادة ما تطمح الأم (أم الفتاة) الى أن یکون زوج ابنتها شاباً مثالیاً فی کل شیء، أی لا نقص فیه ولا عیب، وینطوی على کل الصفات الی تطمح الیها حسب تصوّراتها طبعاً.

وعندما یأتی ابن الحلال، وتظن الأم أن هذا الشاب هو ضالّتها وتتم الموافقة على الخطوبة والزواج تتصرف بطریقة فیها الکثیر من الاحترام والتقدیر والمودّة..

وقد تهمس فی نفسها فی حالة وجود عیب ما انها سوف تقوم بنفسها باصلاحه فیما بعد.

ولکن ما أن یتم الزواج وتضع الحیاة الزوجیة الجمیع على المحک فتظهر الحقائق جمیعاً وتظهر معها العیوب تبدأ مرحلة جدیدة.. مرحلة تدخل الحماة ومن ثم حمایة ابنتها کما تعتقد الى انتقاد عیوب صهرها.

ربّما تبدأ الأمور فی إطار نصیحة هادئة أو تتخذ شکلاً من اشکال الانتقاد المرّ، وربّما تظهر فی حالة أسف وندم من هذه الزیجة.

ویتناسب حجم التدخلات مع درجة اصغاء الفتاة الى أمّها وانقیادها لها.


وهنا تستحیل العروس الى سلاح تستخدمه الحماة ضد صهرها.. فأی موقف تتخذه الزوجة أو أی تصرّف تقوم به تجاه زوجها فهو فی واقع الأمر یمثل موقف الحماة من صهرها الجدید.

وعادة ما تنخدع الفتاة بسبب ایمانها الکامل بان أمها ترید لها الخیر وانها تتحرّق من أجلها وفی سبیل سعادتها.

وتبقى الأمور فی مستوى عادی لو صادقت الحماة صهراً ینصت الى أوامر حماته أو یتقبلها على مضض من أجل ارضاء زوجته.

ولکن الوضع یکون متأزماً لو رفض الصهر هذه التدخلات جملة وتفصیلاً، أو اتخذ موقفاً سلبیاً انفعالیاً یدفع بزوجته الى تأخذ جانب أمها!

ولعل مساحة واسعة من هموم الأزواج تعود الى تدخلات الحماة فی حیاتهم الزوجیة..

یقول (جواد. م): حماتی عفریت من الجن.. حیّة أم رأسین.. لقد اسودّت علی الدنیا بسببها، بل انی أقف على حافة الجنون.. کم مرّة فکرت بالفرار.. أنا لست وحدی الذی اتعذب وبسبب هذه العفاریت.. هناک الکثیر من امثالی.. ربما یوجد 95% من بین المتزوجین یعیشون نفس مأساتی!

ویقول: (محمد. ف): حماتی تتدخل فی شؤوننا أنا وزوجتی.. تسبب لنا المشاکل، وربما نتشاجر من وراء ذلک.. تغتابنی فی کل مکان.. وکلما اشتریت هدیة الى زوجتی انتقدت ذلک مرّة بسبب الموضة، وأخرى من أجل اللون! وهدفها دائما أن تظهر تفاهة ما اشتریه.

أما (پرویز. ک) فیقول: ثلاث مرّات وقفت على أبواب الطلاق.. انها تنفث سمومها کالعقرب.. تلقّن ابنتها کل ما هو سیء.. تعلّمها کیف تهیننی، أو تهمل أعمال المنزل کلما جاءت لزیارة ابنتها یستحیل البیت الى جحیم لا یطاق؛ لهذا
لا أطیق رؤیتها أبداً[208].

کثیر من الأزواج یعیش هاجس الحماة.. کیف یمکن الحدّ من نفوذها على ابنتها؟ کیف یمکن الحد من تدخلاتها أو قطع هذه التدخلات؟

وغالباً ما یعمد الازواج الى منع زوجاتهم من زیارة الأهل لأنهم یتوجسون من تلک اللقاءات (الخطیرة) بین الأم وابنتها.

کما یقف بعضهم مواقف متشنجة من الحماة بغیة الحد من زیارتها لهم.. فترى أحدهم یتجهم کلما رآها أو یقابلها بفتور واهمال! وربّما اعترض أحدهم صراحة على تدخلاتها فی شؤونه الخاصّة!

وهذه الظاهرة وان کانت سائدة تقریباً ولکنها لا تمثل طریقاً عقلائیاً أبداً.. لأن التصرّفات المتشنجة عادة ما تسفر عن نتائج سلبیة..

ثم کیف یتوقع الرجل أن تتخلى زوجته عن أمّها وقد نشأت فی احضانها، ورضعت من ثدیها اللبن ومن قلبها الحنان؟!

ولا ینتظر الزوج فی کل الأحوال أن تقوم زوجته بقطع علاقتها مع أهلها لأن مطلباً کهذا محرج للغایة وقد یدفع بالزوجة الى اتخاذ موقف معاکس.

وربّما ترد الزوجة بانتهاج اسلوب مشابه لاسلوب زوجها ازاء اهله.

کما انه من المستحیل عملیاً أن یسیطر الرجل على الوضع ویراقب اتصالات زوجته بأهلها بمختلف الوسائل، وفی هذا اضرار لا یمکن حسبانها.

وقد تصل ضغوط الزوج حدّاً یدفع بالمرأة الى الاقدام على عمل جنونی کالانتحار وربّما القتل.

وقد ذکرت الشرطة الهندیة حالات انتحار سببها الحماة، وقعت فی العام
الماضی[209].

کما قام رجل برمی قدر من الطعام یفور بالمرق على حماته!

ونقلت الحماة الى المستشفى على الفور، وفی المستشفى قررت الزوجة التی کانت ترافق أمها طلب الطلاق لأنها لن تعیش مع زوجها أبداً[210].

من هنا یمکن أن نستنتج عدم عقلانیة هذه التصرّفات، کما یجب إلاّ نتوهم بعدم وجود طریق للحلّ سنشیر الیه بعد اثارة نقطتین ضروریتین:

ـ من المؤکد إن الحماة لیست عدوّة لصهرها بالضرورة، بل ان حرصها على ابنتها وسعیها لتأمین سعادتها أمر بدیهی، وعادة ما یلمس الصهر مثل هذه النوایا تجاهه هو شخصیاً لأنه یشعر بأن نظرتها الیه هی نظرة أم لأنه شریک ابنتها فی الحیاة.

فإذا ما تدخلت فی حیاتهما الزوجیة، فلأنها ترید الخیر لابنتها وصهرها ومن غیر المنطقی ان نتهمها بأنها تسعى لهدم الأسرة الجدیدة.

وتبقى هنا مساحة لمناقشة اسلوب التدخل والطریقة التی تظهر بها الحماة فی طریق الحیاة الزوجیة لابنتها وصهرها ونوع التدخل الذی تقوم به.

واذن یجب مناقشة هذا التدخل بروح بعیدة عن التشاؤوم والاحکام المسبّقة.

ـ ان العلاقة بین الام وابنتها أو ابنها هی علاقة طبیعیة، علاقة رحم وعلاقة عاطفیة وثیقة الصلة جداً، ومن المستحیل قطعها بل ان السعی لقطع هکذا علاقة یعدّ عملاً لا أخلاقیاً لیس له ما یبرره أبداً.


من حق الزوج أن یتردد على أهله ومن حق الزوجة أن تزور أهلها، وأی تصرّف یسیء الى هذه العلاقات سوف یعود بالضرر على الحیاة الزوجیة وینغص العیش على الزوجین ویحرمهما زمن السعادة.

وفی ضوء هاتین النقطتین فان طریق الحلّ معاشرة الجمیع بالتی هی أحسن واقامة علاقات طیبیة وصمیمیة تشیع روح الثقة والمحبة وتعزز من الأواصر العائلیة.

ومن المؤکد ان الزوج وکذا الزوجة اذا ما صغیا الى نصائح الأهل واذا ما استمعا الى اشاداتهم فلن یعدما شیئاً مفیداً لأن تجارب الآخرین مفیدة فی کل الأحوال.

وفی حالة وجود اقتراحات بشخص الزوج انها تضرّ بأسرته فانه یمکن أن یواجه ذلک باسلوب هادى‏ء یتسم بالمرونة ویحاول إما اقناع حماته مثلاً أو اقناع زوجته ویترک لها الحوار مع أمها.

ان الحماة دائماً لیست کما صورها البعض عفریتاً من الجن لأننا لم نلمح الوجه الآخر من القمر حتى الآن أو الوجه الآخر من العملة کما یقولون.

فهناک علاقات طیبة تربط الحماة بصهرها کالتی یسجلها:

«منوجهر وهو یقول: حماتی ملاک رحمة.. اننی احبها اکثر من أمی.. انها امرأة مثالیة.. فهی أم رؤوم طیبة القلب.. لم تواجهنی مشکلة إلاّ ورأیت عندها حلاً.. انها ضمان سعادتی الزوجیة»[211].

نحن لا ننکر وجود حموات عنیدات وجاهلات فی نفس الوقت یتعذر التفاهم معهن، کما یتعذر أیضاً منعهن من التدخل وابداء بعض الآراء السفیهة..


ولکن فی کل الاحوال والظروف ینبغی التعامل معهن باسلوب بعید عن العنف.. ان التعامل الأخلاقی والأدب اذا لم یضع حدّاً للتدخل فانه یخفف منه الى الدرجة التی یمکن إلاّ تشکل خطرا على الحیاة الزوجیة ویهدد الأمن العائلی.

وفی کل الحالات یعدّ التفاهم بین الزوج والزوجة حول هذه الظاهرة الضمان الوحید لعدم حدوث أیة مشکلة.

لأن اقناع الزوجة بخطورة الاصغاء دون قید أو شرط لکل اقتراح وکلمة مسیئة لحیاتها الجدیدة، سوف یمنع من حدوث المشکلات الزوجیة.

ولیکن نصب أعیننا جمیعاً ان الانسان یستطیع أن یکتسب الکثیر الکثیر من الأصدقاء بطریقة بسیطة، هی المحبة والمودّة واحترام الآخرین والتعامل معهم بالتی أحسن.

یقول الامام علی: «التودّدُ نصف العقل»[212].

ویقول أیضاً: «مقاربة الناس فی أخلاقهم أمن من غوائلهم»[213].

کما روی عنه کذلک قوله: «ولِن لمن غالطک، فانه یوشک أن یلین لک»[214].

وروی أیضاً قوله علیه‌‏السلام: «علیکم بالتواصل والتباذل، وایّاکم والتدابر والتقاطع»[215].


[207] بحار الأنوار: 74/101.
[208] اطلاعات الاسبوعیة العدد 1646.
[209] عام 1972م جریدة کیهان 15 فروردین 1352ه.ش.
[210] اطلاعات 14اسفند 1350.
[211] اطلاعات الاسبوعیة العدد 1646.
[212] بحار الأنوار: 74/168.
[213] المصدر السابق.
[214] المصدر السابق.
[215] المصدر نفسه: 400.